|
برنامج رمضان (2)

في الجزء الأول من هذا المقال، ناقشنا "طبيعة القراءة وبعض القواعد الخاصة بعملية القراءة". والآن حان الوقت للإجابة على سؤال "ما الذي يجب أن نقرأه؟"

أعتقد أن على كل مسلم يعيش في تركيا، ويراقب العالم الإسلامي منها، ويوليها اهتماما، أن يغذي نفسه ببرنامج قراءة منظم ومستقر ومستمر طوال حياته، في خمسة مجالات من الكتب على الأقل، إلى جانب ما يفضل قراءته.


أسس وقواعد الإسلام ومصادرها

لا يمكن فهم واستيعاب ديناميكيات المنطقة التي نعيش فيها بدون فهم عميق وشامل للإسلام. فقد تغلغلت العقيدة والتاريخ والثقافة الإسلامية في جميع جوانب الحياة، لدرجة أن فك الشفرات الأساسية لا يتأتى إلا بمعرفة الإسلام.

إذا نظرنا إلى الذين يخطئون دائما في تحليلاتهم وتوقعاتهم وردود أفعالهم فيما يتعلق بتركيا والشرق الأوسط والعالم الإسلامي بشكل عام، فسنجد أنهم جميعا يعانون من نفس النقص: عدم فهم الإسلام بعقيدته وتاريخه وثقافته وطبيعة الإنسان الذي ينشئه.

يجب أن نستمر في القراءة عن الإسلام دون انقطاع، بدءا من القرآن الكريم والسنة النبوية.


التاريخ والتاريخ الإسلامي

أرى أن أفضل تعريف للتاريخ كعلم اجتماعي هو: "مرآة ننظر فيها إلى الماضي لفهم الحاضر والاستعداد للمستقبل". وللتاريخ مساره الخاص ودورته التي لا تنحرف ضمن قواعد واضحة، وبالتالي فإن قراءة ما حدث في الماضي بعناية يمكن أن تصبح نورا للحاضر وخارطة طريق واضحة للمستقبل.


لا أريد هنا الخوض في نقاش "أي كتاب تاريخ يجب أن أقرأه؟". فيمكن لكل شخص أن يختار مساره الخاص وفقا لتوجهه. لكن بغض النظر عن النص أو الكاتب الذي تختار قراءته، يجب أن تتوفر في أي مصدر تاريخي مايلي: يجب أن يكون الكتاب خاليا من الحماس والعاطفة المفرطة. ويجب أن يكون السرد متسقا منطقيا ولا يحتوي على ثغرات في سلسلة السبب والنتيجة. ويجب أن لا يقتصر الكتاب على إلقاء اللوم على "الطرف الآخر" أو "العدو" فقط، بل يجب أن يتضمن أيضا النقد الذاتي والتقييم.


العالم الإسلامي المعاصر

نحن جزء من كيان واحد يسمى "الأمة". نشعر بآلام بعضنا البعض كما لو كنا أعضاء في جسد واحد. ونحن كلبنات تشكل معا مبنى واحد فلا غنى عن أي جزء منا. عندما ندرك العالم الإسلامي من خلال هذا الإطار، ندرك الحاجة إلى القراءة المستمرة لفهم هذا المحيط الواسع والعميق عن كثب بشكل أفضل. ولكن للأسف، علي أن أقول إن الأدب "المحلي والوطني" في تركيا حول العالم الإسلامي ما زال ضعيفا للغاية. على الرغم من تزايد الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك مسافات كبيرة يجب قطعها.


أود أن أشير إلى نقطة أخرى مهمة في موضوع القراءة عن العالم الإسلامي:

عندما نقرأ الكتب -التي تملأ مكتباتنا- عن مصر في الستينيات، وباكستان في السبعينيات، وأفغانستان في الثمانينيات، والقوقاز في التسعينيات -والتي معظمها مترجمة- يجب أن نحذر من "فخ تقليد النماذج الأجنبية بشكل حرفي" للشباب في تركيا عام 2024. عندما نقرأ عن بلدان أخرى، فإننا نقرأ من أجل المساهمة في "وعينا الإسلامي العالمي" واستخلاص الدروس وتسليط الضوء على بعض المواضيع، ثم نستمر في طريقنا لتغذية نموذجنا المحلي.


الأدب

في بيئتي التي نشأت فيها كان هناك اعتقاد سائد يقول: "في ظل هذه المسؤوليات الجادة، هل لدى المسلم وقت لقراءة القصص والروايات؟". ونتيجة لذلك، قرأنا لسنوات كتب الدعوة "الجادة" التي كتبها أشخاص لم يتمتعوا بذوق أدبي أو لغوي، واضطررنا للبحث عن طريقنا بين ترجمات رديئة للغاية.


هناك سببان رئيسيان لضرورة إدراج القراءة الأدبية في قراءتنا العامة:

1. لا يمكننا قراءة كتب "الدعوة" فقط، فالإنسان بحاجة إلى تخفيف عبء عقله وقلبه، وتنمية خياله، وإراحة ذهنه.

2. تساهم النصوص الأدبية في استخدام اللغة بأجمل صورة وتساعدنا على إيصال رسالتنا ودعوتنا بشكل يؤثر على الجماهير.


المجال المهني

يمكن بسهولة معرفة ما إذا كان الشخص الذي يتحدث أو يكتب في أي مجال يتابع الأعمال التي تجري في نفس المجال أم لا، أي ما إذا كان يحدِّث معلوماته أم لا. لذلك بغض النظر عن الدور الذي نلعبه في الحياة الاجتماعية، يجب ألا نتخلى ولو للحظة واحدة عن هدف تطوير أنفسنا مهنيا. إن من يقول "لقد أصبحت ذا خبرة" لا يزال لديه نقص ويفتقد للخبرة. من يقول هذا الكلام سيقع حتما في خطأ كبير وسيكون عبرة للآخرين. فالإنسان بطبيعته وفطرته يتعثر دائما في النقاط التي يشعر فيها بالثقة.

نظرا لأهمية وحداثة المعلومات والقضايا المتعلقة بالعالم الإسلامي، فإني أود الخوض أكثر في هذا الموضوع. وسأتكلم عنه في مقالي القادم تحت عنوان "برنامج رمضان، الجزء الثالث".







#الأدب
#الكتب
#القراءة
#العالم الإسلامي
#الإسلام
il y a 1 mois
برنامج رمضان (2)
عالم يمني في إسطنبول.. الشيخ عبد المجيد الزنداني
الشهداء الثلاثة عشر
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية