|
الزلزال ذكَّرنا بالروح التي فقدناها

نحن نمر بكارثة كبيرة واختبار قاسي! شهدنا زلزالين من أكبر الزلازل في التاريخ الجيولوجي لهذه الأراضي، حيث ضرب الزلزال المناطق الجنوبية والشرقية من بلادنا و 10 مدن في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، على التوالي، بفاصل 9 ساعات!

وقع الزلزال الأول في منتصف الليل بقوة 7.7 درجة، وهو أحد أكبر الزلازل التي تم قياسها في تاريخ بلادنا. ووقع الثاني بقوة 7.6 بعد 9 ساعات.

لقد سُجل هذا الزلزال في التاريخ كواحد من أكبر الزلازل في الشرق الأوسط. كما أُعلن أنه أكبر زلزال بعد زلزال أرزينجان عام 1939، ولكن بالنظر إلى المشهد كان من الواضح أننا واجهنا كارثة كبيرة واختبارًا أكبر من زلزال أرزينجان، وليس من السهل على أي بلد أن يتعامل مع كارثة واختبار بهذا الحجم بمفرده!

من كارثة إلى كارثة

أقول كارثة، لكن الأوقات التي نعيشها لها أبعاد مقلقة تتجاوز بكثير الكارثة! لذلك، من الواضح أننا أمام كارثة مخيفة سواء من ناحية الكارثة الطبيعية أو من ناحية الطريقة التي ندير بها عواقب الكارثة التي نعيشها، وكذلك من ناحية المحاولات المخيفة لتحويل هذه الكارثة الكبيرة إلى مصالح سياسية وصراعات!

يؤسفني أن أقول إن هناك كارثة كبيرة متعددة الأبعاد الآن. إنها ليست مجرد كارثة فحسب، بل كارثة واختبار كبير!

لا أعرف ما إذا كان من الضروري أن أكرر: سيجد أي بلد صعوبة في الخروج بمفرده من مثل هذه الكارثة الكبيرة. ومع ذلك، فإن هذه الأمة هي أمة الأوقات العصيبة.

قدمت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية تحت رئاسة فخر الدين ألطون، عملا جيدًا وما زالوا يقدمونه خلال هذه المرحلة لقد أبقوا جميع قنوات الاتصال مفتوحة، وساعدونا في كل ما طلبناه، كما قدم فريق مدرسة تصور المدنية عملا مثاليا وملفتا للنظر في هذا المجال سواء من خلال التنسيق أو في وسائل التواصل الاجتماعي . فقد أنجزت إدارة الكوارث والطوارئ أيضًا أعمالاً كبيرةً من خلال العمل الشاق جدا بواسطة فرقها. كما بذلت وزارة الأسرة والخدمات التركية جهودا كبيرة لتسجيل الخسائر والقيام بأعمالٍ لتعويض أصحابها.

نحن جيدون جدًا في التنظيم ولكننا سيئون جدًا في التنسيق!

ومع ذلك، كانت البيروقراطية واحدة من أكبر الكوارث - كما هو الحال دائمًا - فقد كانت بمثابة عقبات أمام شعبنا الذي جاء إلى مكان الكارثة بفرق جاهزة.

كانت هناك مشاكل كبيرة في اليوم الأول من حيث الوصول إلى منطقة الزلزال وتقديم المساعدة الفورية لضحايا الزلزال. في الأيام التالية، بدأت الأمور تستقر شيئا فشيئا.

القضية الأولى التي تحتاج الدولة إلى القيام بها في المحاسبة والنقد الذاتي هي أنه ليس من مهمة الدولة التعامل مع مثل هذه الكارثة الكبرى وحدها! كان لا بد من حشد الشعب بجو من التعبئة من كل جانب.

قد نظَّم الشعب نفسه بالفعل، بسرعة وحشد إمكانياته وانطلق إلى الطرق، ونقل أطنانًا من المساعدات إلى منطقة الزلزال على الفور.

لكن المكان الذي نشأت فيه المشكلة هي أن الأمة لديها ذكاء تنظيمي كبير، لكن الدولة ليس لديها هذا القدر من الذكاء التنسيقي. مشكلتنا ليست تنظيم. مشكلتنا هي التخطيط والتنسيق والإشراف. ويجب أن يتم التخطيط الجيد أولاً ، ثم التنظيم الجيد ومن ثم التنسيق والإشراف.

كانت الدولة العثمانية "الدولة الأم" كما سماها كمال طاهر.

كانت هناك دولة ذات جبروت تهيمن على تركيا منذ قرنين. وبعدها انفصلت الدولة عن الأمة والمجتمع والقيم ومعاني الجذور.

لم يعد هناك أرضية للوقوف. فقد انهارت الأرضية الثقافية والاجتماعية والفكرية والروحية . وعندما انهارت الأرضية الروحية، كان مصير الأرضية المادية أيضًا الانهيار.

درس من الزلزال: إعطاء قيمة لروح الأخوة والتضامن بين شعبنا

صحيح أنه كان هناك قدر كبير من الدمار ماديا. لكننا كأمة، أظهرنا روح التضامن والتعاون والأخوة، حتى أنه يمكننا القول إنه لا يوجد مجتمع لديه نفس القوة الروحية التي نمتلكها.

لم تكن هذه الروح نقية كما كانت في زلزال مرمرة عام 1999، ولكن في نهاية المطاف، إنها روح لا مثيل لها ستمكن هذا المجتمع من الوقوف على قدميه في وجه كل الصعوبات والكوارث. لا يوجد مجتمع آخر في العالم بهذه الروح العميقة والمذهلة.

هناك 5-6 دول صنعت تاريخ العالم وتغلبت على كل الصعوبات. ونحن إحدى هذه الدول الخمس أو الست الكبرى في العالم التي يمكنها التغلب على جميع الصعوبات. وعلى الرغم من الدمار المخيف الذي أحدثه هذا الزلزال، ورغم المحاولات الاستفزازية المخيفة لبعض السياسيين والانتهازيين، إلا أن هذا الزلزال أعاد ترسيخ أواصر التعاون والتضامن والأخوة بين مختلف شرائح المجتمع.

أعتقد أن أهم درس يمكن تعلمه من هذا الزلزال هو أن حجم الألم الذي عانينا منه لا بد أنه جعل شرائح المجتمع المختلفة أقرب إلى بعضها البعض، وعزز وأعاد بناء روح التضامن والأخوة.

يجب أن يذكرنا الزلزال على الأقل بقيمة روح الأخوة المفقودة منذ زمن طويل. يجب أن يكون هذا أكبر درس يمكن أن نتعلمه أو نستخلصه من الزلزال.

#زلزال
#تركيا
#الشعب التركي
#قهرمان مرعش
1 عام قبل
الزلزال ذكَّرنا بالروح التي فقدناها
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا