|

"غوردو".. نموذج لسياسي تركي ولد من رحم المعاناة والعنصرية بالنمسا

الناشط والسياسي والمهندس الإلكتروني النمساوي من أصل تركي، هاكان غوردو:- الأتراك بالنمسا جزء من المجتمع لذلك يجب أن يكون لهم رأي في مستقبل البلاد في بعض الأحيان، قد تكون درجات أصدقائنا النمساويين في المدرسة أسوأ منا، لكننا كنا نفقد الكثير من الدرجات من البداية لأن أسمائنا ليست يورغن، وتوماس،و نوربرت. وكانت أخواتنا المحجبات تعانين أكثر منا"."إن كانت معرفة الإنجليزية، والعيش الثقافة الفرنسية هنا ينظر إليهما على أنهما نوع من أنواع الثراء، ورمزًا للتعددية، فهويتي التركي بالنسبة لي مكسب لا أخجل منها ولا أقبل إقصاءًا بسببها"

12:00 - 1/11/2019 الجمعة
الأناضول
"غوردو".. نموذج لسياسي تركي ولد من رحم المعاناة والعنصرية بالنمسا
"غوردو".. نموذج لسياسي تركي ولد من رحم المعاناة والعنصرية بالنمسا

يؤمن هاكان غوردو، أحد أهم ممثلي المجتمع التركي بالنمسا، أن الأتراك، الذين هم جزء من المجتمع النمساوي ، يجب أن يكون لهم رأي في مستقبل البلاد.

ولقد شدد على هذا الطرح من خلال أعماله السياسية بالبلاد، ومن خلال البرامج الحوارية التي شارك فيها، وكذلك من خلال حزبه الذي يترأسه ويسمى "SÖZ" (نمسا المستقبل الاجتماعي).

وفي حديث للأناضول، حرص غوردو، الناشط، والسياسي، والمهندس الإلكتروني، وأحد المعروفين من ممثلي الجيل الثالث من المجتمع التركي في النمسا، على تسليط الضوء على الصعوبات التي واجهها في التعليم، وكشف النقاب عن حياته العملية والسياسية.

وولد غوردو عام 1984 كأكبر طفل لعائلة مكونة من ثلاثة أطفال في الحي العاشر الذي تعيش به الطبقة العاملة في العاصمة فيينا. بعد إكمال تعليمه الابتدائي والمتوسط ، حصل على درجة البكالوريوس في قسم الكهرباء والإلكترونيات، كما حصل على درجة الماجستير في إدارة الإلكترونيات والابتكار. وهو يواصل عمله حاليًا في الشركة التي أسسها بمجال الأمن ، وهو أيضًا رئيس حزب SÖZ ، الذي تأسس مؤخرًا.

وأوضح غوردو أنه شعر في سن صغيرة جدًا بأنه أجنبي في البلد الذي يعيش فيه، وذلك نتيجة التجارب والمواقف المختلفة التي واجهها سواء في محيط العائلة أو على مستوى البيئة الاجتماعية ككل.

ولفت إلى أنه حتى الآن لم ينسَ التحذيرات التي كانت توجه له من قبل أبيه وأمه في السنوات التي بدأ فيها دراسته الابتدائية، حيث كانا يطلبان منه ضرورة أن يكون أكثر حيطة وحذرًا لأنه طالب أجنبي.

وتابع غوردو قائلا "كانت هناك كلمة دائمًا ما يرددها أبي لي: ستنظر في عين المعلم، ولا تعارضه، وحتى لو كنت محقًا، فحتمًا سيكون ردك عليه مهذبًا"

وأشار إلى أن عادات تناول الطعام والشراب، واختلاف الحساسيات الدينية والثقافية مقارنةً بالنمساويين، غالبًا ما كانت تؤدي إلى صدامات في كل من المجالين التعليمي والاجتماعي.

- لقد قبلنا بالأعمال التي ترفع عنها النمساويون

وتطرق غوردو في تصريحاته إلى الحديث عن العنصرية والصعوبات التي تعرض لها وهو يدرس في المراحل التعليمية المختلفة، ولا سيما الجامعة، بسبب اسمه الأجنبي.

وتابع قائلا "خاصة في فترة التدريب بعد المرحلة الجامعية، كنا نضطر لقبول الوظائف والأعمال التي يترفع عنها النمساويون، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي استطعنا من خلالها الحصول على فرصة للتدريب في تخصصاتنا. وفي بعض الأحيان، قد تكون درجات أصدقائنا النمساويين اللازمة للتدريب أسوأ منا، لكننا كنا نفقد الحصول على هذه الفرصة؛ لأن أسمائنا ليست يورغن، وتوماس،و نوربرت. وكانت أخواتنا المحجبات تعانين أكثر منا".

وبعد تخرجه لم يكن غوردو يفكر في تأسيس شركة، لكن العنصرية الشديدة التي تعرض لها دفعته دفعًا لتأسيس عمل خاص به؛ لا سيما أن العاصمة فيينا لوحدها بها أكثر من ألف شركة تخص الأتراك الذين تعرضوا لتجارب مماثلة فقرروا تأسيس شركات خاصة بهم.

وأوضح غوردو أن هناك الكثير من الأسئلة التقليدية التي كانت تواجههم كل يوم كأتراك ولدوا في النمسا، مثل "هل أنت تركي أم نمساوي؟"، مشيرًا إلى أن "هناك بعض البشر كانوا لا يكتفون بشعورهم بأنك نمساوي، ليتمادوا في الأمر ويسألون عن الأصل الإثني لك"

وقص غوردو واقعة عاشها في المرحلة الثانوية، قال فيها "كنا في المدرسة نتحدث عن الأفلام التي يتم عرضها في التلفزيون النمساوي الرسمي، ولما قلت إن هناك بعض الأشياء التي لا تروقني في هذا الأفلام، قال لي مدرس علاقتي به جيدة: إذن يمكنك العودة إلى تركيا. نعم قال هذا الكلام. فلمجرد اختلافي معهم طلب مني العودة إلى تركيا. ونحن نعيش مثل هذه الحالات في وقتنا الحالي في عالم السياسة".

وشدد الناشط غوردو على أنه نمساوي وتركي في آن واحد، مشيرًا إلى أن النقاشات حول الاختلافات العرقية ليس لها أي فائدة سوى تعزيز حالة الاستقطاب في المجتمع.

وتابع قائلا "إن كانت معرفة الإنجليزية، وعيش الثقافة الفرنسية هنا ينظر إليهما على أنهما نوع من أنواع الثراء، ورمزًا للتعددية، فهويتي التركي بالنسبة لي مكسب لا أخجل منها ولا أقبل إقصاءًا بسببها".

- مشكلة تمثيل المسلمين في الحياة السياسية

في سياق حديثه ذكر السياسي غوردو أن جده قدم أولًا للنمسا في منتصف ستينيات القرن الماضي، ثم بعد ذلك جاءت والدته ووالده، مشيرًا إلى أن "الجيل الأول كان كل همه جمع الأموال والعودة ثانية إلى تركيا".

واستطرد قائلا "لكن بعد إدراكهم أنه موجودون باستمرار في النمسا سعت عائلتي وكذلك الأتراك الآخرون في البلاد لإقامة كيانات ثقافية واجتماعية كالجماعات الدينية والجمعيات المختلفة، غير أنهم عجزوا عن ملء الفراغ الكبير في الحياة السياسية".

وتطرق غوردو إلى الحديث عن مرحلة تحمله المسؤولية الاجتماعية وتوجهه للعمل السياسي، مشيرًا في هذا السياق إلى أن "النمسا لا يوجد بها أية مراجع أو كيانات سياسية تدافع عن حقوق المسلمين والأتراك والمهاجرين، وتقوم بتمثيلهم. ولقد بدا هذا بشكل جلي في العام 2015 على وجه الخصوص حينما تم إقرار (قانون الإسلام) في النمسا، الذي قيد من حقوق المسلمين بشكل كبير".

وعن سبب اتجاهه للسياسة قال غوردو "من أجل الدفاع عن حقوق الأقليات بالنمسا، وملء الفراغ الحاصل في هذا المجال، وترك دولة أفضل للأجيال القادمة"، مضيفًا "نعم هذا ما دفعني للانخراط في السياسة، حيث كنا حريصين على عدم ترك حق تمثيلنا سياسيًا لآخرين، وبمرور الوقت زادت أعداد من يؤمنون بنفس أفكارنا، ويعملون من أجل القضايا الاجتماعية، وتمكنا في نهاية المطاف من تأسيس حزب سياسي".

- النضال القانوني ضد التعاطف مع التنظيمات الإرهابية في تركيا

في سياق متصل أوضح غوردو أنه مستهدفًا في النمسا، ولا سيما من قبل المتعاطفين مع بعض الكيانات الإرهابية في تركيا، وعن سبب هذا الاستهداف قال إنه يرجع لما قام به من أعمال للدفاع عن الحقوق الأساسية للمسلمين والأقليات ضد الآليات الإعلامية والسياسية التي تسعى منذ سنوات لإظهار المسلمين كخطر.

وبيّن أنه "بسبب بعض الأحداث التي وقعت جنوب شرقي تركيا، وفي سوريا، بدأت عمليات حرق المساجد بالنمسا، إذ حاولوا الإضرار بالمساجد هنا في مسعى منهم لنقل فتيل الحرب من هناك إلى هنا. لكننا تصدينا لذلك، لأن موضوعنا الرئيس هو الصلح والسلام بالنمسا، لأن المسلمين والأقليات الأخرى سيكونون أكثر المتضررين لو حدث أزمة ما. وتعزيز دور العنصريين بالبلاد ليس في صالح أحد".

وأفاد غوردو أنه تم اتهامه بمعاداة الأكراد لمجرد تصديه للحملات التي دشنها المتعاطفون مع تنظيم "بي كا كا" الإرهابي بالنمسا، بهدف زيادة الضغط على تركيا، مضيفًا "ولقد قمنا برفع دعاوى قضائية في هذا الموضوع، وأنا أقبل أي شيء إلا نصب العداء للأكراد، فكيف يتم اتهامي بذلك؟ لا سيما أنني لست شخصًا من ذلك النوع الذي يصنف الناس حسب جذورهم العرقية، فالناس كلهم أخوة وليس الأكراد والأتراك فحسب".

وذكر أنهم فازوا بكل الدعاوى القضائية التي رفعوها، حيث حكم على خصومهم بدفع تعويضات كبيرة، الأمر الذي كان رادعًا للكثير من الجهات التي امتنعت جراء ذلك عن شن حملات التشويه بحق آخرين.

غوردو ذكر كذلك أنهم لا يتبنون نفس المنظور مع الجيل الأول الذي قدم للنمسا من تركيا قبل 50 عامًا، موضحًا أن "الظروف تغيرت بشكل كبير، ونحن الآن نريد أن نكون أصحاب كلمة في تحديد مستقبل النمسا، نحن أحفاد الجيل الأول الذي ساهم في تنمية البلاد، وضحوا بصحتهم من أجل هذا البلد.

#النمسا
#تركيا
٪d سنوات قبل