|

مرضى الجذام بإثيوبيا.. ألم العجز ومرارة العزلة

تراجع أعداد المرضى من 80 ألف حالة عام 1985 إلى 3 آلاف حالة فقط في 2016.

Ersin Çelik
10:40 - 2/02/2019 Cumartesi
تحديث: 10:41 - 2/02/2019 Cumartesi
الأناضول
مرضى الجذام بإثيوبيا.. ألم العجز ومرارة العزلة
مرضى الجذام بإثيوبيا.. ألم العجز ومرارة العزلة
يعاني مرضى الجذام في إثيوبيا، ليس فقط من ألم الإصابة، لكن الأكثر قسوة هي شعور المرارة نتيجة العزلة عن المجتمع.

"أنا هنا بعد أن خسرت سنوات من المعركة مع مرض الجذام، لكن الحياة مستمرة".. يتحدث "مولتيتا دابا" بصوت متهدج بالرغم من محاولات التماسك، وقد غطى ساقيه المبتورتين تحت ملاءة.

جملة تختزل قصة مريض نهشه الجذام، ورغم التقدم الطبي في التصدي لهذا الداء، إلا أنه لم ينجح أمام كثير من الحالات وتركهم فريسة الألم والمرارة.

تجسد حالة الإثيوبي "دابا" (70 عامًا)، الذي فقد ساقيه وجميع أصابع يديه بسبب مرض الجذام، إحدى مآسي هذا الداء.

والجذام مرض معدي مزمن تسببه بكتيريا عصوية الشكل صامدة للحمض، ويؤثر على الجلد والأعصاب المحيطية والغشاء المخاطي للقناة التنفسية العلوية والعينين.

والجذام، والمعروف أيضا بمرض هانسن، قابل للشفاء، ويمكن تجنب العجز إذا ما توفر العلاج في المراحل المبكرة للإصابة.

يقول "مولتيتا دابا": بدأت حياتي طبيعيًا وكنت أعمل مزارعًا، وبعد أن بلغت الثلاثين من عمري ظهر على أطراف يدي هذا الداء.

ويضيف، للأناضول، التي التقته بمستشفى "أليرت"، جنوب أديس أبابا،: في البداية لم أعره أي اهتمام لكن لاحقًا فقدت قدرة العمل بالزراعة، واضطررت للعمل في الرعي.

"دابا" يشكر الله على إصابته بالمرض بعد أن أخذ من الحياة نصيبًا، ويقول: هناك من أصابهم المرض وهم في مرحلة الشباب، قبل أن يشير إلى مجموعة شاركته لعب الورق داخل المستشفى.

ويتجمع مرضى الجذام بمقهى قبالة المستشفى، يقضون فيها ساعات من اللعب تناسيا لمرارة المرض والعجز جراء هذا الداء.

ولم تمنع الأصابع المبتورة "دانا" من لعب الورق مع عدد من أصدقائه بأعمار مختلفة، فهي التسلية المتبقية له في الحياة.

ويضيف "دانا": قبل 14 عامًا، عندما تطور المرض ذهبت إلى الطبيب فأبلغني بصعوبة العلاج وضرورة بتر الساقين، وأحاول التعايش وممارسة الحياة بشكل طبيعي.

ويعتبر مستشفى "أليرت"، أول مركز بإثيوبيا والقارة لعلاج ورعاية مرضى الجذام والسل والتدريب التأهيلي (ALERT) ، حيث افتتح 1932، قبل أن يصبح مستشفى تخصصي.

يعج المستشفى بمرضى الجزام، لكل حالة قصة، وكل قصة لا تخلو من دراما إنسانية مؤلمة.

من بين تلك المآسي "أمانوش أيالو"، التي تتردد على المستشفى منذ 40 عامًا، بعد أن تركها زوجها وأقاربها لخجلهم منها، بل وانقطعوا عن زيارتها.

تقول "أيالو" ( 60 عامًا)، وقد حاولت إخفاء دموعها،: لكنني الآن أعيش بكل فخر دون أن يعيق المرض طريقي في الحياة.

وتوفر منظمة الصحة العالمية الأدوية مجانًا لمرضى الجذام منذ العام 1995، في جميع دول العالم.

الجانب النفسي في علاج مريض الجذام لا يقل أهمية، ومن هنا توفر المستشفى أطباء نفسيين للتعامل مع تلك الحالات.

يقول ملس ييرغا ، المستشار في علم النفس بالمستشفى،: مريض الجذام يضعف احترام الذات لديه ، وغالباً ما يثير ذلك القلق والاكتئاب في نفوسهم.

ويضيف: يدركون أنهم أصبحوا غير مقبولين في أسرهم والمجتمع خاصة المصابين بإعاقات دائمة.

ويشير إلى أن المستشفى يسعى لدمجهم في المجتمع ويقدم المساعدة المالية والمهارات والملابس الواقية من أجل إعادة تأهيلهم.

ويؤكد أن آلاف المرضى، الذين أعيد تأهيلهم، تمكنوا من الاندماج في المجتمع، لكن هناك من تخلى عنهم الأسرة والمجتمع.

ويقول تاي ليتا، رئيس قسم الوقاية من الجذام والسل بوزارة الصحة الإثيوبية، إن عدم العلاج في مرحلة مبكرة ينتهي إلى ضرر بالغ بالجلد والأعضاء.

ويضيف، ليتا، في حديث للأناضول، أن الذين حضروا متأخرين للعلاج أصيبوا بتشوهات في عظامهم مما أدى إلى بتر الأعضاء.

وأشار إلى أن جهود بلاده على مدى عقود نجحت في تخفيض أعداد المرضى من 80 ألف حالة في عام 1985 إلى 3 آلاف حالة فقط في 2016.

وأضاف ليتا، نحن نقدم العلاج وإعادة التأهيل مجانًا في 5 مستشفيات، وأكثر من ألفي مركز صحي في جميع أنحاء البلاد.

وأوضح أن المجتمعات الفقيرة هي الأكثر عرضة للخطر، وليس من السهل السيطرة تمامًا على المرض والقضاء عليه، طالما أن المجتمعات تعيش في الفقر والجهل بالجذام.

وبحسب تقرير سابق للبنك الدولي ، فإن إثيوبيا التي تعد ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث السكان بعد نيجيريا، (أكثر من 100 مليون نسمة)، تعد واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة.

ومع ذلك يشير التقرير إلى أن 24 في المائة من السكان يعيشون دون مستوى خط الفقر الوطني حسب احصاءات 2016.
#تحديات مرضى الجذام ما بين العجز ووصمة المجتمع
5 yıl önce