على موقع صحيفة "المدينة" السعودية، أبدت كاتبة محلية تحفّظها على منهج الدراسات الاجتماعية في المرحلة المتوسطة، فقط لأن مُعدّيها قد استخدموا لفظ "الحكم العثماني" بدلا من استخدامهم "الاحتلال العثماني"، وذلك على الرغم من أنها دولة دخلت البلاد العربية بجيوشها، ولم تعلِ راية الإسلام بل حاربته في لغته، بفرض اللغة التركية على الولايات العربية المحتلة، هكذا رأت كاتبة المقال.
ومن يتحدث عن تتريك العثمانيين للبلاد العربية فهو حتما يجهل طبيعة الحكم العثماني، فكما يقول الدكتور أحمد طربين الذي كان يعد أبرز قامات قسم التاريخ بجامعة دمشق في كتابه "تاريخ المشرق العربي المعاصر"، إن الحكم العثماني قام على مبدأ الاستعانة بعناصر الحكم القديمة في البلاد المفتوحة، والاكتفاء بمظاهر السيادة، كوجود حاميات عثمانية، وتعيين كبار القضاة والموظفين من العثمانيين، وتركها تواصل السير في الطريق التي كانت تسير فيها، وضرب مثالا لذلك بمصر وسوريا، حيث لم يتدخل الحكام العثماني بحياة الناس.
في أرشيف طوب قابو بإسطنبول، هناك وثيقة عثمانية مؤرخة عام 1565، وتحمل رقم (E-2803)، تتضمن قائمة بالكتب الموزعة على المدرسين بالمدارس العثمانية، فمنها مثلا: الكشاف للزمخشري، وتفسير القاضي البيضاوي، وتفسير القرطبي، وتفسير الكاشاني، والهداية للميرغناني، وشرح النووي على صحيح مسلم، وكلها باللغة العربية.
ويوضح المؤرخ التركي الشهير عثمان أركين في كتابه تاريخ التربية التركية، نطاق التعامل باللغة التركية في الدول العربية، ويوثق شهادة تاريخية بعدم اتباع العثمانيين سياسة التتريك، واحتفاظ العرب بلغتهم العربية في ثقافتهم ومناحي حياتهم في العهد العثماني، فيقول: "العثمانيون مع استخدامهم للغتهم التركية في الأعمال الحكومية، إلا أنهم لم يدرسوا هذه اللغة للشعب في أي مؤسسة من المؤسسات، فاللغة السائدة والمسيطرة في المدارس والجامعات عند العثمانيين كانت العربية".