|

مثقف جزائري: الحراك الشعبي "بلا مشروع ولا قيادة"

الكاتب والشاعر أزراج عمر للأناضول:- الحراك الراهن بلا مشروع وقيادة نظيفة ومفكرة.. والحركات الشعبية تسقط عندما يصيبها التفكك الداخلي- يوجد مثقفون موظفون لدى مؤسسات النظام والقطاع الخاص التي تكرر إنتاج نموذج مؤسسات السلطة نفسها وليس بمؤسسات الدولة لأنّ ثمّة فرق- يجب فك الارتباط بإعاقات الاستعمار والرأسمالية المتوحشة المستوردة وابتكار الحلول للمشكلات أمام تفعيل رأسمال العصرنة والتحديث لدى الإنسان الجزائري

12:00 - 9/04/2021 الجمعة
تحديث: 12:04 - 9/04/2021 الجمعة
الأناضول
مثقف جزائري: الحراك الشعبي "بلا مشروع ولا قيادة"
مثقف جزائري: الحراك الشعبي "بلا مشروع ولا قيادة"

يرى أزراج عمر، وهو كاتب وشاعر جزائري، أن الخطر على الحراك الشعبي في بلاده يوجد داخل الحراك نفسه، وأنه لم يسلم من عاهات الماضي، التي صبغت الوضع السياسي، حيث "لا يوجد مشروع وقيادة نظيفة ومفكرة له".

وقال عمر (72 عاما)، في مقابلة مع "الأناضول"، إن "الصراعات الهامشية على السلطة والمناصب تغلق الباب أمام النضال السياسي الفكري المؤسس بالوعي النقدي لتحقيق مطلبين أساسيين".

وأجبرت احتجاجات شعبية، بدأت في 22 فبراير/شباط 2019، الرئيس آنذاك، عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، على الاستقالة في 2 أبريل/نيسان من العام نفسه، ثم تولى عبد المجيد تبون الرئاسة، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية، في 12 ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام.

وحدد "عمر" المطلبين في "فك الارتباط بإعاقات الاستعمار (الفرنسي 1830-1962) والرأسمالية المتوحشة المستوردة، وابتكار الحلول للمشكلات التي تسد الطرق أمام تفعيل رأسمال العصرنة والتحديث لدى الإنسان الجزائري وفي نسيجه الاجتماعي معا".

ورأى أن "الحراك الحالي بمثابة هبة غاضبة ومحبطة تجاور فيها الانفعال والذهنية الفردية والانقسام إلى كتل وشيع، وإن كان الحراك قد بدا زخمه أنه موجه ضد توريث الحكم أو جعله فرديا أو شلليا أو جهويا".

وتابع: "بنية الحراك كانت فسيفسائية، وأعادت إلى الأذهان التشكيل الفسيفسائي لجبهة التحرير الوطني (من الاستعمار)، قبل أن تصير حزبا وبعد أن صارت حزبا (للسلطة) بعد الاستقلال."

وأردف: "في مرحلتي انتفاضة الثمانينات (أحداث شهدتها الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول 1988 تطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية)، والحراك (2019) وجد نفسه (الحراك) أمام غياب فكر الدولة الحديثة والمجتمع الحديث، وهذا ما جعله ولا يزال مسيجا باليأس ويتقاسم هذا الإحساس مع مواطني بلاده".

** مستقبل الحراك

وحول مستقبل الحراك، وإن كان يهدده خطر، قال "عمر" إن "الخطر موجود دائما داخل صفوف الحراك نفسه وليس خارجه".

وزاد بأن "الحركات الشعبية تسقط عندما يصيبها التفكك الداخلي ويتعرض الإيمان بها إلى تنازلات وصفقات".

ورأى أن "الحراك حاليا لا يختلف عن الوضع السابق، إلا في درجة الانفعال وبعض الشعارات المرفوعة، ولا يوجد مشروع وقيادة نظيفة ومفكرة له."

واعتبر أن "الخلاف مع النظام الحاكم هو مع المجموعة الحاكمة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا حول عدم توفر الفكر العلمي والفلسفي الأكثر تطور لديها، ما عرقل بناء الدولة الوطنية الحداثية".

وأوضح أنها "الدولة التي تسود فيها الرعاية الاجتماعية والوعي الوطني الجماعي البنّاء وابتكار المهارات الذاتية التي تحقق الدخول إلى عصر الحضارة الراقية".

وزاد بأن "الحراك يعاني من آفتين خطيرتين، تتمثل الأولى في احتكار مجموعة معينة الظهور بمظهر زعماء الحراك في الساحات والإعلام، تمهيدا للتموقع في المناصب مستقبلا".

والثانية، وفق تقديره، "في انشطاره إلى عقائدي وحزبي وإثني (عرقي) متناقض، ما يُبعثر طاقته وينفّر منه شرائح الوطنيين المؤمنين بالتغيير السلمي الحضاري".

وبخصوص غياب قادة للحراك، قال "عمر" إن "السبب واضح تماما لأن المشهد السياسي الجزائري لا تقوده أو تصنعه فكرة موحدة أو مشروع موحد على صعيد التصور والسلوك السياسيين".

أما على الصعيد "الجواني" (الداخلي) العميق فهو نتيجة لغياب الذوات المشكلة خارج أطر الثقافة الفردية اللاغية للجماعية"، بحسب "عمر".

** موقع المثقف

وبخصوص دور المثقف في الحراك والتغيير، أجاب "عمر" بأنه "بالمعنى الأكاديمي والتقليدي يوجد في الجزائر مثقفون ومثقفات، ولكن وجود المثقف أو المثقفة وحضورهما الفيزيائي لا يعني أنّ لهما دور".

وتابع: "يفترض من المثقف أنه هو من يخلق دوره من خلال مساءلته النقدية للأبنية الاجتماعية والسياسية في مجتمعه وفي هذه المرحلة التاريخية."

وأردف: "هذه المساءلة ينبغي أن تكون مشروطة بالتاريخ دائما، عند القيام بها، يعني أنك على وعي بما ينبغي أن تكون عليه الأبنية التي بواسطتها تقوم الدولة الجديدة والحداثية وفي صلبها الإنسان".

واستطرد: "يوجد مثقفون موظفون لدى مؤسسات النظام ومؤسسات القطاع الخاص التي تكرر إنتاج نموذج مؤسسات السلطة نفسها وليس بمؤسسات الدولة لأنّ ثمّة فرق".

وأوضح أن "مؤسسات النظام من صنعه ومؤسسات الدولة من صنع حوار المثقفين وشعوبهم مع تحديات العصر كما تؤكده تجارب الدول الديمقراطية التي أسست الوعي الديمقراطي والعاطفة الديمقراطية والسلوك الديمقراطي."

ورأى أن هذا النوع من التنظير لا ينفي وجود أفراد مثقفين نقديين ويملكون وعيا يتعدى عتبة التفكير المحض إلى الممارسة في إطار مواجهة الهيمنة بالهيمنة المضادة، ولكن الفعل الفردي لا يحرك التاريخ من حال إلى حال إلا إذا يرتبط بفاعلية الجماعة.

ودعا "عمر" إلى إعادة النظر في الفهم التقليدي للمثقف واعتباره الشخص المتعلم والمتحصل على المعرفة، له مهنة ووظيفة فكرية أو تقنية أو وعظية دينية أو سياسية داخل مشهد مكونات البنية التحتية أو الفوقية في المجتمع.

واعتبر أن المثقف النقدي هو من يؤسس الفكر النظري الإنساني، الذي يتحول فكرا عمليا يقلب الطاولة على أنماط الفكر المضاد لحركة التقدم.

وأزراج عمر شاعر جزائري وكاتب صحفي في جرائد عربية وعالمية، ولد عام 1949، في محافظة بجاية (شرق العاصمة)، ويقيم في بريطانيا منذ 1986، وعاد إلى الجزائر بين 2007 و2010، ثم غادر مجددا إلى بريطانيا.

واصل "عمر" دراسته، فحصل على درجة الماجستير في الدراسات الثقافية بلندن (1993-1995)، ثم الدكتوراه (2002-2008) حول "تأثيرات الثورة الجزائرية على تكوين الفكر الفرنسي المعاصر ما بعد الحداثة).

وحاليا، يدير مجلة فصلية بعنوان "مثاقفات" أسسها في لندن، وحصل عام 1994 على جائزة "اللوتس الأفروآسيوية للأدب"، التي يمنحها اتحاد كُتّاب آسيا.

وصدرت له مؤلفات في الشعر والدراسات، بينها "الجميلة تقتل الوحش" (1978)، "الحضور"، "وحرستي الظل"، "أحاديث في الفكر والأدب"، "الطريق إلى أنمليكش".

#أزراج عمر
#الجزائر
#الحراك الشعبي
٪d سنوات قبل