|

العلاقات الفرنسية البريطانية.. الوئام بعد الخصام

خبيرة العلاقات الدولية أميليا هادفيلد للأناضول:- كانت قمة سوناك وماكرون ناجحة لكلا البلدين- وافق ماكرون وسوناك على أنشطة بحرية في المحيطين الهندي والهادي- العلاقات المتدهورة سببها الهجرة عبر القنوات.- البلدان يجمعهما رابط قوي ومسؤولية أمنية مشتركة

09:59 - 23/03/2023 الخميس
الأناضول
العلاقات الفرنسية البريطانية.. الوئام بعد الخصام
العلاقات الفرنسية البريطانية.. الوئام بعد الخصام

أكدت أميليا هادفيلد، خبيرة العلاقات الدولية، أن غضب فرنسا من المعاهدة الأمنية الثلاثية "أوكوس" بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية المعلنة عام 2021، لم يغيّر من حقيقة أن البلدين يعتبران بعضهما البعض "شريكان استراتيجيان رئيسيان".

جاء ذلك في تصريحات أدلت بها هادفيلد، رئيسة قسم السياسة في جامعة ساري بالمملكة المتحدة، للأناضول.

وتطرّقت هادفيلد إلى القمة الفرنسية - البريطانية التي عقدت في 10 مارس/آذار الجاري، وهي الأولى بين زعماء الدولتين منذ عام 2018.

وقالت إن القمة التي جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، في العاصمة الفرنسية باريس، "ركزت على الأمن والدفاع ودعم أوكرانيا، فضلا عن أزمة عبور المهاجرين للقناة الإنجليزية".

القمة القصيرة جدًا استحوذت على اهتمام عالمي، حيث كانت العلاقات بين الشريكين الاستراتيجيين تمرّ بأوقات عصيبة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن الإعلان عن توقيع اتفاقية "أوكوس" التي كلفت فرنسا خسارة عقد بناء غواصات بمليارات الدولارات.

وكان عبور القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة قضية رئيسية أخرى بين سوناك وماكرون، حيث أصبحت الهجرة "لعبة" في إلقاء اللوم بين البلدين من وقت لآخر.

شراكة استراتيجية

وفي حديثها للأناضول، أشارت هادفيلد إلى أن حديث سوناك وماكرون عن تجديد معاهدتي "لانكستر هاوس" بمثابة "خطوة كبيرة" تتوّج نتائج قمّتهما.

وتعدّ "لانكستر هاوس" معاهدتان حول التعاون الدفاعي والأمني، وقّعهما عام 2010 رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي.

وأضافت هادفيلد، الخبيرة في الشؤون الأوروبية والدولية، أن الجانبين حققا غالبية بنود جدول أعمالهما خلال القمة، حيث "كانا واضحين تمامًا بشأن ما يريدان التحدث عنه".

وفي إشارة إلى تأثير معاهدة "أوكوس" على العلاقات البريطانية -الفرنسية، أوضحت أن فرنسا "كانت غاضبة عندما انتشر الخبر بالفعل، لأن الاتفاق لم يشملها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث ما زالت تشعر أن لديها موطئ قدم شرعي هناك".

وتابعت: "لحسن الحظ، وافق ماكرون وسوناك أيضًا على عدد من الأنشطة البحرية في المحيطين الهندي والهادئ، بحيث لا يزال كل جانب يعتبر الآخر شريكًا استراتيجيًا رئيسيًا له".

وفي السياق، اعتبرت هادفيلد أن "معاهدة أوكوس بمثابة مشروع دفاعي، واتفاق من المحتمل أن يُحدث "تأثيرًا حقيقيًا في شكل أمن المحيطين الهندي والهادئ" بين أستراليا من جهة، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة من جهة أخرى.

بداية جديدة

خلال محادثاتهما، سلّط ماكرون وسوناك الضوء على أن لقاءهما بمثابة "بداية جديدة" للعلاقات بين البلدين، حيث أكد كلاهما على أنهما يشتركان في العديد من الأشياء التي تربطهما ببعضهما البعض.

وحسبما قالت هادفيلد للأناضول، "ربما تم الاتفاق على موعد القمة بين ماكرون وسوناك خلال اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية إي بي سي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في براغ عاصمة تشيكيا".

وفي فبراير/ شباط الماضي، توصّل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى صفقة "وندسور"، لحل نزاع بروتوكول أيرلندا الشمالية.

وتسعى اتفاقية "وندسور" لإبقاء أيرلندا الشمالية ضمن القواعد التجارية للاتحاد الأوروبي، مع تقليل عمليات التفتيش على بعض البضائع التي تعبر البحر الأيرلندي من بقية المملكة المتحدة.

وتنصّ الاتفاقية أيضًا على أن تظل البضائع المتجهة من المملكة المتحدة إلى أيرلندا خاضعة للإجراءات الجمركية.

برأي هادفيلد، فإنه بشكلٍ عام "كانت قمةً (سوناك وماكرون) ناجحة لكلا البلدين، حيث تغلّبا على معظم التحديات الثنائية".

واعتبرت أن جائحة كورونا كانت سببًا في تأخير فرصة اللقاء وجهًا لوجه بين مسؤولي البلدين، واصفة الفترة السابقة من العلاقة الثنائية بين باريس ولندن بأنها "كانت سيئة للغاية"، لا سيما في عهد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون.

وفي هذا الإطار، أوضحت أن جونسون "لم يبذل أي محاولة على الإطلاق لإجراء دبلوماسي ، كما أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس استمرت على هذا النحو واعتبرت ماكرون العدو المحتمل، وهو أمر سخيف أن تقوله".

في المقابل، رأت هادفيلد أن "المملكة المتحدة بدأت بالعودة إلى جذورها، ومن المحتمل أنها ستعمل في طريقها نحو علاقات أفضل مع الاتحاد الأوروبي".

من ناحية أخرى، لفتت هادفيلد إلى أن ماكرون بات مستعدًا لـ "إعادة ضبط العلاقات مع بريطانيا"، وأن تكون الدولتان "شريكين ثنائيين جيدين للغاية".

وقالت إن "ماكرون حاول بعناية إعادة تصحيح وضع بريطانيا، دون إثارة غضب مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة".

القناة الإنجليزية

يعد عبور القوارب الصغيرة للقناة الإنجليزية "المانش" مشكلة ملحّة بالنسبة للبريطانيين، حيث وصل أكثر من 44 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة عبرها عام 2022، وفقًا لبيانات رسمية.

وخلال القمة في باريس، تعهد سوناك بأن تساهم المملكة المتحدة بمبلغ 480 مليون جنيه إسترليني (حوالي 580 مليون دولار) على مدى 3 سنوات بالشراكة مع فرنسا، للمساعدة في منع عبور المهاجرين غير الشرعيين القناة الإنجليزية.

وبهذا الصدد، اعتبرت هادفيلد أن العلاقات المتدهورة بين المملكة المتحدة وفرنسا "سببها الهجرة عبر القنوات"، حيث تلقي بريطانيا باللوم على فرنسا في ارتفاع عدد القوارب الصغيرة غير القانونية.

أمن أوروبا

على صعيد آخر، كانت الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا بندًا مهمًّا آخر على جدول الأعمال بين ماكرون وسوناك، اللذين أعادا التأكيد على دعمهما الثابت لأوكرانيا.

فمنذ فبراير/ شباط 2022، بدأت روسيا حملة عسكرية على أوكرانيا تأثرت بها الدول الأوروبية بشدة، وسط محاولات وجهود دولية مستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وخلال المحادثات، أعلن سوناك أن فرنسا والمملكة المتحدة اتفقتا على تدريب مشاة البحرية الأوكرانية، وهو ما اعتبرته هادفيلد يساعد أوكرانيا على الحصول على "ميزة حاسمة في ساحة المعركة" و "كسب هذه الحرب".

وأشارت إلى أن المملكة المتحدة وفرنسا يجمعهما "رابط قوي ومسؤولية مشتركة" عندما يتعرّض أمن أوروبا للخطر.

#أمن أوروبا
#أوكرانيا
#إيمانويل ماكرون
#اتفاقية أوكوس
#الحرب الروسية الأوكرانية
#القناة الإنجليزية
#المعاهدة الأمنية الثلاثية
#الهجرة غير النظامية
#بريطانيا
#ريشي سوناك
#فرنسا
#قمة ماكرون سوناك
#قناة المانش
1 عام قبل